
السبت، 30 أكتوبر 2010
سندريلا، قبلة و دفتر

الأحد، 3 أكتوبر 2010
أحزان الحذاء الأحمر

الخميس، 12 أغسطس 2010
لقاء تلفزوني في برنامج المملكة هذا المساء
تم بث الحلقة على القناة السعودية الأولى بتاريخ 25/7/2010
الجزء الأول
الجزء الثالث
الأحد، 16 مايو 2010
درب الموتى..قصة قصيرة من الأدب الأفريقي
Dead Men's Path
قصة قصيرة
بقلم: شينوا اشيبي* (1930- )
ترجمة: د. فراس عالم
لم يكن (مايكل اوبي) يتوقع أن تتحقق أمنياته بهذه السرعة ، فقد تم تعينه مديراً لمدرسة ( ندوم )المركزية في يناير 1949. كانت المدرسة من المدارس المتأخرة في المنطقة و قد قرر المسؤلون إسناد إدارتها إلى مدرس شاب و نشيط لإصلاح شأنها. قبل (اوبي) المهمة بحماسة و وجدها فرصة مناسبة لتطبيق أفكاره الخلاقة على أرض الواقع.
حصل (اوبي) على تعليم ثانوي متميز نال بفضله لقب "مدرس أول" في التقارير المهنية مما جعله متفوقا على زملائه من مدراء المدارس الآخرين. كما كان صريحا في انتقاده لضيق الأفق الذي يلازم زملائه الأكبر سناً و الأقل تعليماً.
-"سنقوم بعمل رائع في تلك المدرسة" كانت تلك هي العبارة التي قالها لزوجته الشابة عند سماعه خبر ترقيته المبهج
-"سنقدم أفضل ما عندنا" أجابته زوجته ، ثم تابعت " سيكون لمنزلنا هناك حديقة جميلة و سأجعل كل شيء فيه حديثاً و عصرياً"
خلال فترة زواجهما البالغة عامين تمكن مايكل أن ينقل لها عدوى حماسته للحداثة و نفوره من "المدرسين القدامى و التقليدين الذين يراهم أقرب إلى الباعة في سوق شعبي منهم إلى التدريس".
أخذت تتخيل نفسها وهي محط الإعجاب كزوجة للمدير الشاب و ملكة للمدرسة، وبالطبع ستحسدها زوجات المدرسين على مكانتها، ستعتني بكافة التفاصيل في المدرسة ...و فجأة خطرت ببالها فكرة ألا يكون هناك زوجات أخريات معها، متأرجحة بين الخوف والرجاء سألت زوجها عن وضع زملائه المدرسين و هي تترقب إجابته بقلق.
-"كل زملائنا هناك من الشباب و غير متزوجين" أجابها بحماسة لم تشعر في هذه المرة أنها تشاركه فيها، لكنه تابع
_" وهذا أمر جيد!"
-" لماذا؟"
-" لماذا؟ لأنهم سيكرسون كامل وقتهم و جهدهم للمدرسة"
شعرت (نانسي) بالاكتئاب، ولدقائق قليلة أصبحت تشكك في جدوى الانتقال للمدرسة الجديدة، لكن امتعاضها سرعان ما تلاشى أمام سعادة زوجها وآماله الكبيرة. أخذت تتأمله وهو جالس بوضع منحني على المقعد، كان أحدب الكتفين ويبدو لمن يراه هشاً و سهل الكسر لكنه في بعض الأحيان يفاجئ الآخرين بموجة من الطاقة البدنية الهائلة. بدا لها في مجلسه في تلك اللحظة أن مصدر كل تلك الطاقة يكمن في نظرة عينيه الغائرتين والتي تمنحه قدرة عاتية على الاختراق. كان في السادسة و العشرين من العمر لكن يبدو و كأنه في الثلاثين أو أكبر و في العموم لم يكن يخلو من وسامة ظاهرة.
-" بنس مقابل ما تفكر فيه يا مايك" قالتها (نانسي) بعد برهة صمت مقلدة المجلات النسائية التي تقرأها
-" كنت أفكر في الفرصة العظيمة التي حصلنا عليها لنري الناس كيف تدار المدرسة كما ينبغي"
كانت مدرسة (ندوم) متخلفة بكل ما تحمله الكلمة من معنى و قد كرس لها الأستاذ (اوبي) و زوجته كامل وقتهما وقد جعل نصب عينية هدفين رئيسيين ، تقديم مستوى عال من التعليم و تحويل مبنى المدرسة إلى مكان يشع بالجمال، وقد تحقق حلم زوجته بالحديقة المزهرة عندما هطلت الأمطار و تفتحت الورد الحمراء و الصفراء على شجيرات (الهيبيكوس) و (الالماندا) المكونة لسياج الحديقة المحيط بفناء المدرسة من الخارج في منظر بديع.
ذات يوم و بينما كان أوبي يتأمل نتاج عمله بإعجاب رأى منظراً أشعره بالخزي، فقد رأى امرأه قروية عجوز تعرج عابرة فناء المدرسة و قد داست حوض أزهار (الماري جولد) و سياج الشجيرات القصير. و بتفحصه للمكان أبصر أثراً باهتاً لطريق مهجور يمر عبر فناء المدرسة رابطاً بين القرية و بين الدغل في الجهة الأخرى.
-" أنا مندهش" قالها اوبي لأحد المدرسين -و الذي قضى ثلاث سنوات في المدرسة- ثم هز رأسه منفعلا و تابع
-" كيف تسمحون للقروين باستخدام طريق يمر عبر المدرسة؟ هذا ببساطة لا يعقل"
أجابه المدرس معتذراً
-" ذلك الطريق مقدس جداً عند القروين، فهو يربط بين المقام المقدس في القرية و بين المدافن، كما أنه نادراً ما يستخدم"
-" و ما علاقة المدرسة بكل هذا؟" تساءل المدير
هز المدرس كتفه قبل أن يجيب
-" لا أدري، لكنني أتذكر أن شجاراً كبيراً حصل منذ زمن عندما حاولنا إغلاق الطريق"
-" كان هذا في ما مضى. لكنه لن يستخدم بعد اليوم" قال له المدير و هو يبتعد بخطوات حازمة و يضيف
" ما الذي سيقوله عنا مدير التعليم عندما يأتي في جولته التفتيشية الأسبوع القادم؟ ربما سيجد القروين و قد احتلوا غرفة في المدرسة لممارسة طقوسهم الوثنية فيها وقت زيارته".
تم غرس قضبان ثقيلة على مسافات متقاربة لتسد الطريق من مدخله و مخرجه في طرفي فناء المدرسة، كما تمت تقويتها بأسلاك شائكة لفت من حولها.
بعد ثلاثة أيام قدم كاهن القرية للمدرسة طالباً مقابلة المدير، كان رجلا متقدما في السن محدودب الظهر يستعين بعصا غليظة لمساعدته في المشي و كان يطرق بها الأرض بقوة عندما يشدد على نقاط مهمة في حديثه. و بعد تبادل الأحاديث الودية شرع الكاهن في الكلام
-" لقد نما إلى علمي أن درب الأسلاف قد تم إغلاقه"
-" أجل" أجابه السيد (أوبي)، ثم تابع" لا نستطيع أن ان نجعل الناس تتخذ من فناء المدرسة طريقاً عاماً"
طرق الكاهن العجوز على الارض بعصاه ثم قال
-" أنظر يا بني، هذا الطريق موجود قبل أن تولد أنت، و قبل أن يولد أبوك، حياة القرية بالكامل تعتمد على هذا الطريق. أقاربنا الموتى يغادرون عبره، و أسلافنا يزروننا عبره، لكن الأهم من ذلك إنه الطريق الذي يأتي من خلاله الأطفال الذين سيولدون"
استمع السيد أوبي لحديث الرجل و على وجهه ابتسامة رضى ثم أجابه
-" الهدف الاساسي لوجود مدرستنا هو اقتلاع هذه المعتقدات من العقول، الموتى لا يحتاجون ممشى على الأرض، الفكرة بكاملها خرافة. مهمتنا هنا هي تعليم الأطفال أن يسخروا من مثل هذه الأفكار"
-" قد يكون ما تقوله صحيحاً" أجابه الكاهن العجوز ثم أضاف " لكننا نتبع ما كان يفعله أباؤنا، و إذا فتحت الطريق لن يكون لدينا ما نتشاجر بشأنه. ما أردده دائماً: دع الصقر يحط رحالة و دع النسر يفعل ذلك أيضاً". و هم الرجل بالنهوض
رد عليه المدير الشاب
-" أنا آسف. لا يمكن أن نجعل فناء المدرسة طريقاً عاماً. إن ذلك مخالف للأنظمة، ما رايك في أن تقيموا طريقاً آخر يلتف حول المبنى، و سوف نجعل الأولاد يساعدونكم في إنشائه، لا أعتقد أن الأسلاف سيجدون الانعطاف البسيط أمراً مرهقاً لهم"
-" لا يوجد لدي شيء لأضيفه" قال الرجل العجوز و هو يغادر المكان.
بعد ذلك الحديث بيومين توفيت امراة قروية خلال ولادة متعسرة، تمت استشارة عراف القرية فأمر بتقديم تضحيات عظيمة لاسترضاء الأسلاف الذين تمت إهانتهم بالسياج الذي سد الدرب المقدس.
استيقظ الأستاذ (أوبي) في صباح اليوم التالي على الخراب الذي حل بمدرسته، حيث تم تدمير الأسيجة النباتية الجميلة ليس فقط من ناحية الدرب المسدود بل من جميع الجهات المحيطة بالفناء، كما تم دهس الأزهار الجميلة بلا شفقة، بل إن أحد مباني المدرسة تم هدمه...
صادف ذلك اليوم يوم زيارة مشرف التعليم ذي الأصول البيضاء للتفتيش على المدرسة، والذي كتب تقريراً سيئاً عن حالة المبنى لكن الاسوأ كان ما كتبه عن " حالة الحرب و العداء بين المدرسة و القرية و التي سببها الحماسة الغير رشيدة لمدير المدرسة الجديد"
* شينوا أشيبي: كاتب نيجيري يكتب بالانجليزية.
السبت، 8 مايو 2010
سينما ... قصة قصيرة

كان فيلماً رديئاً سيء الإخراج و التصوير، كل من دخلوا الفيلم عرفو ذلك مبكراً. أخذت المقاعد القليلة تفرغ بالتدريج حتى أصبح وحيداً في الصالة الخالية بعد ربع ساعة من بداية الفيلم، لكنة كان مصرا على المتابعة معتقداً أن شيئاً مهماً سيحدث قبل نهاية الفيلم. لا يمكن أن يكون الفيلم تافهاً و بطلته نجمته المفضلة التي يعشقها، لا يمكن لهاتين العينين الساحرتين المشعتين براءة و دهشة دائمتين من كل ما يحدث في العالم إلا أن تحملاه على النشوة، أن تحملاه إلى المجهول، إلى كنوز قادمة لا محالة من بعيد، إلى ينابيع الحلم الصافي الأولى حيث يغرف المبدعون بلا وجل. إنها تنتمي إلى هناك. تلك الرهافة و الرقة لابد أن تملك رسالة لماحة و ذكية تريد تمريرها إلى العالم عبر فنها....و لكن مشاهدالفيلم اتهت سريعاً دون أن يلحظ جوانب الإبداع التي انتظرها. فرك يديه المعروقتين بتوتر تلفت في المقاعد الخالية بعد إضاءه الأنوار حشر كفيه في جيبه و هو يهم بالقيام. لم يعره عامل الصاله أي التفات و هو يعبر من جواره و كأنه طيف غير محسوس. آلم أذنية الصخب في الخارج و شعر بقليل من الدوار و هو ينضم إلى نهر العابرين في ممرات الصالة..مشى خطوات قليله إلى الأمام فاقداً الهدف شاعراً بهزيمة لا يدري لها سبباً. لمح شابين صغيرين يمسكان بيد بعضهما و يغادران المبنى نحو موقف السيارات و بائعة صغيرة تركض وراءهما تحاول أن تبيعهما عقدا ذابلا من الفل الذي تحمله لكنهما يسرعان المشي و يتجاهلان نداءاتها عادت الصبية منكسرة تنتظر بجوار الباب الزجاجي التقت عيناها بعينيه لثوان قليلة ثم أشاحت عنه كأنها خمنت أنه لا يصلح أن يكون من زبائنها. اندهش من فعل الصبيه، ترى لماذا تجاهلته؟ مالذي رأته أو لم تره فيه حتى توجه له هذه الإهانة غير المباشرة؟ أخرج إحدى يديه من جيبه و تعمد رفع بعض النقود في كفه كي تراها..لكنها لم تلتفت قدر أنه حتى لو ذهب ليشتري منها عقد الفل الذابل فربما تأبى أن تبيعه. تلقى دفعة في كتفه من موجه جديدة من المتفرجين الذين فرغوا للتو من مشاهدة فيلم كوميدي جديد . تكاثف المزيد من العرق على جبهته و أحرجه عدم حمله للمناديل الورقية التفت إلى الخلف ليلمح شباك التذاكر و إعلان ملون كبير للفيلم الكوميدي يعتلي فتحة الشباك و قد بدأ الزحام من جديد للدخول للعرض التالي وجد نفسه منجذباً مرة أخرى نحو الشباك أخرج النقود المعروقة من جيبه، عدها بحرص ثم تقدم نحو بائعة التذاكر.
الخميس، 29 أبريل 2010
إطلالة إذاعية في برنامج همسات قصصية
الجمعة، 23 أبريل 2010
ساحر الفطيرة التعيس
بدات شركة بيتزا أمركية عملاقة حملة إعلانية جديدة بطابع محلي، هذه الحملة الفريدة من نوعها لم تتطرق للمنتج الذي تقدمه الشركة لا من حيث الجودة و لا من حيث السعر أو الطعم أو أي شيء آخر. بل عمدت الحملة و بذكاء غير بريء إلى تصوير مقاطع تمثيلية عالية الجودة و الإتقان تتناول حياة الحاج (نادي) صاحب محلات فطيرة السندباد و الذي ابتلاه الله بافتتاح فرع جديد لـ لمحل البتزا الأمركي أمام محلة . و تصور المقاطع مدى الذعر الذي لحق بالحاج(نادي) و موظفيه و الحيرة التي أصابتهم و محاولاتهم المستميته في إيجاد حل للورطة التي وجدوا أنفسهم فيها، و على الرغم من أن كل ما يظهر في المقاطع التمثيلية عن الجار الأمركي هو الواجهه البراقة و النظيفة للمحل و عدد من الدراجات النارية المصفوفة بنظام و أناقة أمام الدخل فقط إلا أنها تعطي تأثيرا طاغياً بالقوة و المهابة و الاحتراف وسط الحي الشعبي العشوائي. و يدور الحوار الذي تنوع بين الحاج نادي و ابنه و اثنين من عماله عن افضل طريقة للتخلص من الكارثة التي حاقت بهم. و لا يخلو الإعلان من طرافة و فكاهة و هو يصور (حوسة) الأبطال محدودي الذكاء و الأقرب إلى البلاهة و التخلف العقلي في محاولاتهم المضحكة و اليائسة للتفوق على العملاق الأمريكي مرة عبر اللجوء إلى فطيرة جديدة يقترحها العامل في تذاكٍ مضحك و هو يقول إن إضافة صفار بيض النعام إليها كفيل بالقضاء على أي منافسة من الجيران الدخلاء. و بالطبع لا تملك إلا أن تضحك حتى تستلقي على ظهرك من فكرته التي تبدو شديدة الغباء و هو يشرحها بحركات يديه و حملقة عينينيه التي اصابهما الحول. و حتى عندما ينتهي المشهد بدخول الحاج نادي إلى المستشفى نتيجة خيبة أمله و الكساد الذي حل به لا يجد ابنه حلاً إلا في أن يقترح علية اللجوء إلى فكره "الفرانشايز" كمخرج من الخسارة المهلكة و بالطبع لا يفهم الأب و العمال محدودو الذكاء معنى الكلمة و تبقى معلقة في الفضاء بعد أن أدت الغرض منها.
الخميس، 15 أبريل 2010
لقاء تلفزوني قصير عن الأخطاء الطبية
ناقش برنامج صباح السعودية على التلفزون السعودي - القناة الأولى قضية الأخطاء الطبية، بمناسبة انعقاد ندوة التعامل مع الأخطاء الطبية و تمت استضافتي للحديث في البرنامج عبر استديوهات التلفزون من جدة، و المحامي محمد الضبعان عبر الهاتف. اللقاء كان قصيراً جداً ولم يتطرق إلى معظم النقاط التي تم الاتفاق عليها مع فريق الإعداد.
تمت إذاعة اللقاء بتاريخ(3/4/2010)
السبت، 20 فبراير 2010
في يومها العالمي: أي مستقبل ينتظر القصة القصيرة؟

تصدر دارمارينر كتاباً سنوياً في نهاية كل عام باسم «أفضل القصص الأمريكية القصيرة» ويقوم محررها الرئيسي بمتابعة النتاج القصصي الحديث في الولايات المتحدة ثم ينتخب منه قائمة طويلة يقدمها إلى المحرر الضيف الذي عادة ما يكون من كبار الكتاب العالمين والذي ينتخب المجموعة المفضلة لدية ويقوم بكتابة مقدمة الكتاب التي توضح سبب تفضيله لتلك المجموعة. وعلى الرغم من الحفاوة التي يبديها المحررون بالقصص ومؤلفيها وإشادتهم بالتجديد الحاصل في الأسلوب والفكرة واستثارة العاطفة، إلا أن «ستيفن كينج» خرج في مقدمته التي كتبها للعام2007 عن ذلك التقليد وأشار في تلميح ساخر إلى الانحسار الذي تعانيه القصة القصيرة كأدب مقروء، فعلى الرغم من إقراره بأن الكتاب لا يزالون يكتبون أدبا جيداً ومتميزاً إلا أن الإقبال على القصة القصيرة كفن له شعبية بدأ يتضاءل، واستشهد بزيارة قام بها لإحدى المكتبات الكبرى في المدينة وسأل عن المطبوعات الأدبية المتخصصة في فن القصة القصيرة، فأشار له البائع إلى رف سفلي انحشرت فيه المطبوعات بإهمال ووصف كيف انه اضطر إلى الركوع أرضا والزحف قليلاً لبلوغ مراده وأن امرأة حسناء كانت تقف بجواره لتطالع مجلات الزفاف استرابت من حركاته وقررت الابتعاد غاضبة. في الحقيقة ما ذكره «ستيفن كينج» ليس جديداً تماما فكثيراً ما يعاد طرح قضية الإقبال على القصة القصيرة، وهل هي في طريقها للانحسار؟ وهل أثرت عليها طبيعة العصر التقنية والاجتماعية؟ هل تتلاشى القصة القصيرة بشكلها الحالي لتحل محلها «القصة القصيرة جداً» كبديل أكثر رشاقة؟ أم تفسح المجال للرواية الأكثر سلاسة وقبولاً في عصر الانفتاح والميديا؟. ربما تكون القصة أكثر الفنون مراوغة، وأكثرها قدرة على البقاء والتأثير رغم كل ما يثار، القصة التي انتقلت إلينا من زمن حكايات الجدات ثم تلبست كل أنوع الفنون الأخرى، لا تبالي كثيراً بثنائية الانتشار والانحسار بقدر ما تهتم بما تحدثه من نقش في عمق الوجدان، وحدها القصة القصيرة تملك تأثير «الرصاصة» عندما تكون متقنه ومصوبة تجاه القلب، صغيرة وخفيفة لكنها نافذة ومدوية، قد يكتب كاتب عظيم مئات الكتب لكن قصة-رصاصة واحدة قد تبقى وحدها من خلفه تحدث دويها الهائل في وجدان من يقرؤها في دقائق فتلازمه جراحها لسنوات،. قد يخفت وهج القصة قليلا أمام الصخب لكنها وفي ذكرى يومها العالمي تطل بروية وهدوء على منجزها السابق والذي يكاد يشمل التراث الإنساني كله. تحضر احتفاليتها بدون تعالٍ ولا خجل. ثم تمضي واثقة لا تبالي.
الخميس، 11 فبراير 2010
أرثر كونان دويل: لعنة صاحب الغليون!

الأحد، 24 يناير 2010
مايكل كرايتون: مربي الديناصورات وصديق ابن فضلان!

هل تشعر بالدهشة؟
تلك كانت لمحة بسيطة من عوالم الكاتب الأمركي مايكل كرايتون و الذي يعد شبه مجهول لدى معظم قراء العربية ككاتب على الرغم من ذيوع صيت أعماله عندما تحولت إلى أفلام و مسلسلات كاسحة الشعبية. فمن منا لم يعرف و لو عرضاً سلسلة أفلام "الحديقة الجوراسية" بأجزائها الثلاثة و التي قدمها المخرج المثير للجدل "ستيفن سبيلبيرج" بتمكن و إعجاب تام . الجزء الأول من أفلام تلك السلسلة بني على رواية لمايكل كرايتون بذات الاسم و اشترت حقوقها شركة يونيفيرسال استوديوز بمبلغ تجاوز المليون و نصف المليون دولار ثم عهدت إلى ذات الكاتب ليصنع سناريو الفيلم مقابل نصف مليون دولار إضافية، و اتضح فيما بعد من الأرباح الخيالية التي جناها الفيلم أن صنّاعة لم يكونوا يضيعون نقودهم عبثاً.رغم أن كرايتون صرح بأن نص السيناريو اعتمد على عشرة في المئة فقط من الرواية الأصلية. حيث كان النص الأصلي مليئاً بالتفاصيل العلمية الدقيقة و التي تشرح طريقة استزراع الحمض النووي للديناصور في بويضة حيوان حي ثم إعادة إنتاج السلالة من جديد و التي لا تلبث أن تتمرد و تتحول إلى كابوس مرعب كما ظهر في الفيلم.
لم يكن مايكل كرايتون المولود في عام 1942 يتوقع و هو يعاني من العزلة على مقاعد الدراسة بسبب طوله الفارع أنه سيتحول في يوم من الأيام إلى علامة فارقة في تاريخ الأدب/ العلم الأمركي، و لا أن كتبه و أفلامه ستكتسح قوائم أفضل المبيعات، و لم يكن يعلم أن دخوله كلية الطب و تفوقه فيها بالإضافة إلى تعلقه بالكتابة و الإطلاع سيقوده إلى ابتكار نوع جديد من الأدب يلغي فيه الحواجز الوهمية بين ما هو علمي و ما هو أدبي. فعلى الرغم من أن كتابات كرايتون لا تحتوي أي من الجماليات اللغوية التي تؤهلها لجوائز على غرار جائزة بوكر و نوبل و على الرغم من احتوائها على كمية كبيرة من المعلومات الدقيقة و كأن كل فصل من الفصول بحث مصغر يمهد للحدث الذي يليه،و على الرغم من أن رواياته تحتوي ملحقا للمراجع العلمية التي استندت عليها الأحداث كأي بحث أكاديمي رصين، لكنه رغم كل ذلك ناجح جداً في انتزاع الدهشة و الانبهار من داخل القارئ و قادر بامتياز على دفع القارئ إلى إعادة النظر في كثير من قناعاته المسلم بها من قبل. و هذا هو لب الإبداع الحقيقي و جوهرة العميق مهما اختلفنا حول الأسلوب و التوصيف. لقد وصفت جريدة "النيويورك تايمز" كتابات كرايتون بأنها ذات نفس طفولي أشبه بقصص "أرثر كونان دويل" و "إدجار رايس بوروز" و رعب "إدجار آلا ن بو" لكن بجرعة قوية و مطورة من الخيال العلمي الممتع. و إن كنت أجزم أن في كثير من رواياته نفس فلسفي مبثوث بذكاء بين سطور الرواية المشوقة و المعقدة في آن. فرواية "الجسم الكروي" و التي تحولت لفيلم ناجح قام ببطولته داستن هوفمان و صامويل جاكسون" تبدأ بداية مشوقة و مثيرة للفضول فهناك سفينة فضاء اكتشفت بالصدفة في قاع المحيط و التحاليل لتراكم التربة و النباتات التي فوقها تثبت أنها ترقد هناك منذ أكثر من ثلاثمائة سنة و ينتدب فريق علمي لسبر غور السفينة الغامضة. و سرعان ما يكتشف الفريق أن السفينة تحتوي على جسم كروي عملاق أشبه ب "روبوت" مفكر يبدأ في الحديث إليهم و سرعان ما تتحول الرواية إلى الخط الفلسفي عندما يكتشف العالم النفسي أن الجسم الكروي له القدرة على تجسيد الخيالات الشريرة التي يملكها زملاؤه و تحويلها إلى واقع و أن كل الكوارث التي ألمت بهم خلال الرحلة ليست إلا نواياهم السيئة تجاه بعضهم البعض و أن السفينة ليست من كوكب آخر و لكنها تنتمي إلى المستقبل و قد قرر أهل المستقبل إرسال الجسم الشرير إلى الماضي حتى يتخلصوا من أثره المدمر.

و تكاد تكرر ثيمة الخطر الذي يصنعة الإنسان بغروره في معظم رواياته، لكنه على الرغم من نزعة التوثيق العالية لديه لم يضع لخيالاته حدودا و لم يقصرها على الأجواء العلمية و المستقبلية، فكتب روايته التاريخية الشهيرة "أكلة الموتى" و التي تحولت بعد ذلك إلى فيلم سينمائي أخرجه بنفسه تحت اسم " المحارب الثالث عشر" و قام ببطولته أنطونيو بانديراس و عمر الشريف. و عد الفيلم/ الرواية من العلامات الفنية النادرة التي أنصفت صورة العربي المسلم رغم كونها صنعت بيد أمركية بالكامل.
خاض كرايتون بالإضافة إلى الكتابة في مجالات عدة كتصميم برامج الكمبيوتر و الأبحاث العلمية و التدريس الأكاديمي البحت، لكن تفوقه كان لافتاً بالفعل في مجال الإخراج فقد قام بكتابة و إخراج العديد من الأفلام لعل أشهرها "المحارب الثالث عشر" و فيلم "الغيبوبة" الذي كتبه صديقة روبن كوك. كما كان منتج و صاحب فكرة و كاتب الحلقات الأولى للمسلسل الشهير "ER " الذي تدور أحداثه بالكامل تقريباً داخل المستشفى و تتابع على بطولته العديد من النجوم و افتتح الطريق لخط جديد في الدراما يمكن تسميته دراما المستشفيات أو المسلسلات الطبية. و في عام 1994 حصد كرايتون ثلاثه جوائز دفعة واحدة، جائزة تصدر فيلمة الحديقة الجوراسية قائمة الأيرادات و تصدر مسلسل ER نسب المشاهدة العليا و تصدر روايته الجديدة حين ذاك "الفضيحة" قائمة أكثر الكتب مبيعاً.
في الرابع من نوفمبر من العام الماضي 2008 توفي كرايتون اثر مضاعفات علاجه الكيماوي من سرطان الحنجرة و قد كان يعد لصدور روايته الجديدة،و التي لم تصدر حتى الآن. و على الرغم من تداول خبر وفاته من قبل وكالات الأنباء العالمية إلا أنه مر مروراً عابراً بمعظم مثقفي العربية و ربما نشرته بعض صحفها في ركن ضيق واصفه إياه بكاتب سيناريو فيلم الديناصورات!.
لو كنت تعتقد انك تتعرف على مايكل كرايتون للمرة الأولى اليوم و أنه لم يسبق لك أن تأثرت بشيء من إبداعاته من قبل ...راجع القائمة الطويلة لنتاجه ثم فكر ثانية!
الخميس، 7 يناير 2010
راي برادبري: بائع الصحف الذي سكن المريخ
و على الرغم من أن تلك الرواية ليست الرواية الوحيدة لراي برادبري و الذي كتب قرابة ال60 كتاب و أكثر من 600 قصة قصيرة و مقالة إلا أنها بالإضافة إلى روايته الأخرى "تاريخ المريخ" تعدان أكثر كتبه ذيوعاً و الأعمق دلالة على أسلوبه المتميز في الكتابة و الذي يغور بعمق في أبعد مخاوف الإنسان الغامضة و يبرزها جلية بدون زخرفة أو مجاملة كما أنه لا يخفي تشاؤمة من مستقبل البشرية المظلم إذا استمرت تسير على النهج اللاأخلاقي الذي تتخذه الآن
ولد برادبري في عام1920 ولم يكن يتوقع وهو يعمل كبائع صحف بعد أن أوقف تعليمه عند المرحله الثانوية لضيق ذات اليد ولاحتى بعد أن تلقى أول 15 دولاراً كمكافأة على قصته الأولى، لم يدر بخلده يوما أنه سيتحول إلى ملهم و علامة فارقة لجيل بأكملة من الأمركيين . توج بنيله العديد من الجوائز أبرزها ميدالية الاستحقاق الوطنية للفنون2004 و التي تسلمها من رئيس الجمهورية المثير للجدلً وهو على مقعد متحرك!.