بالطبع لست بحاجة
لذكر مدى سذاجتنا و جهلنا في ذلك الوقت،
و أن الأمر لم يستغرق عشر سنوات لتصبح
كاميرتنا المهيبة شكلاً وسعراً قطعة من
الخردة القديمة، و أن كل طلبة الكلية
اللاحقين اصبحوا من ملاك الكاميرات
الرقمية.
عادت تلك الحادثة
إلى ذهني و أنا أقرأ بحزن خبر إفلاس شركة
كوداك العملاقة، و التي كانت على قائمة
أكبر الشركات العالمية لعقود و أثرت
حياتنا باختراعات و تقنيات في مجال التصوير
فحفظت ذكرياتنا و لحظاتنا الحلوة و ملامح
أحبائنا في صدور مجالسنا و ألبوماتنا
لنسترجعها متى ما راودنا الحنين.
ترى كيف غفلت شركة
عملاقة مثل كوداك عن قراءة المستقبل
القريب؟ كيف فشلت في التنبؤ بمصير أعظم
منتجاتها و لم تبادر بتغيير سفينتها
الغارقة قبل أن يغمرها اليم؟
كيف تشابهت قرارت
مجلس إدارة محترف يدير جيشا من ١٤٥ ألف
موظف مع قرارات شباب طائش لا يملك أي خبرة
في الحياة مثلنا في ذلك الوقت؟
إن كان ثمة عبرة
مما حدث لشركة كوداك فهي أن الثوابت لا
تبقى على ثباتها طوال الوقت، و أن ثباتها
لمئات السنين لا يعني مناعتها ضد التغيير،
و أن ذلك التغيير قد يكون سريعاً و صادماً
و دون توقع.
ثمة اختراعات و
حوادث غيرت الكثير من القيم و الموازيين
في العالم، و رغم بساطتها الخادعة فقد
كانت أشبه بعود الثقاب الذي أشعل حقلاً
يابساً. و في كل
مرة كان الخاسرون هم أولئك الذين يترددون
في اتخاذ قرار التغيير حتى يضطرون إليه
في وقت يكون قد أصبح متأخراً جداً و مكلفاً
جداً.
ترى كم من قررات
التغيير التي ينبغي علينا أن نتخدها
فوراً؟ و كم من القررات التي تأخرنا عن
اتخاذها حتى الآن؟ هل لازالت نظرتنا
الثابتة للحياة صالحة لعالم اليوم؟ أم
أنها تحولت إلى قطعة خردة قديمة دون أن
نعلم؟ و هل ما يشهده العالم من ثورات و
تحولات يستدعي أن نعيد النظر في ما لدينا
من طرق تفكير؟
ترى كم مقدار
التشابه بيننا و بين كوداك؟ أخشى أن تكون
الإجابة مرعبة!
صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٨٣) صفحة (١٧) بتاريخ (٢٥-٠٢-٢٠١٢)
صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٨٣) صفحة (١٧) بتاريخ (٢٥-٠٢-٢٠١٢)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق