كتب الدكتور
عبدالله حامد مقالاً نارياً في المجلة
الثقافية لجريدة الجزيرة يوم ١-٤-١٤٣٣
بعنوان (ماذا
حدث في انتخابات أبها..من
فوبيا الأوراق إلى قمع الوزارة).
هاجم فيه صراحة و بدون مواربة وزارة
الثقافة و الإعلام ممثلة في وكيلها الدكتور
ناصر الحجيلان و مدير الأندية الأدبية
عبدالله الكناني. و
يحسب للدكتور حامد دقته في توصيف و توثيق
الحادثة التي بنى عليها رأيه و تعهده
بإكمال الحديث في مقالات لاحقة ربما تثير
الكثير من الجدل.
و لا أعتقد أننا
نخالف الحقيقة كثيراً إذا عممنا رأي
الدكتور حامد على شريحة كبيرة من المثقفين
و التي شعرت بخيبة أمل كبيرة من انتخابات
الأندية الأدبية تتوازى الطموح الكبير
الذي رافق ولادة التجربة.
و بغض النظر عن الممارسات السلبية من
قبل أعضاء الجمعيات العمومية و ما أفرزته
من ظواهر محبطة للكثيرين كالتكتلات خلف
الاسم القلبي أو التحزب للمنصب الأكاديمي
أو الديني. فكل
تلك السلبيات كانت متوقعة بدرجة أو بأخرى
كآثار جانبية لبدايات الممارسة الديموقراطية
و من الممكن تخفيفها أو تجنبها بالكامل
في المراحل اللاحقة من الانتخابات.
لكن ما كان صادما حقاً هو ذلك التباين
الكبير في الرؤية و التعاطي بين قمة الهرم
الإداري متمثلاً في الوزير و بين المسؤليين
الذين يلونه في تسلسل الهرم الذين حددهم
الدكتور حامد في مقاله.
فالوزير د.
عبدالعزيز خوجة كان عراب مشروع لائحة
الانتخابات، و هي رغم كل التحفظات الوجيهة
على بعض بنودها لائحة تقدمية إذا ما قورنت
بلائحة المجالس البلدية مثلاً أو لائحة
مؤسسات الطوافة، فمجالس الأندية الأدبية
منتخبة بالكامل و لا يحق للوزير تعيين أي
شخص في المجلس بالتزكية و للمرأة كامل
الحق في الترشح و الانتخاب و للمجلس كامل
الحرية في تحديد الرئيس و النائب و التصرف
في ميزانية النادي بالطريقة التي يراها
مناسبة. و يقتصر
دور الوزارة على الإشراف و المراقبة و
التمويل فقط.
هذه اللائحة لم
تكن لترى النور لولا رؤية واضحة و بعيدة
المدى من قبل الوزير خوجة و قناعته بأن
الثقافة لا تزدهر إلا في مؤسسات مستقلة
حتى لو أتى ذلك على حساب تقليص صلاحياته
المباشرة على تلك الموسسات،.
لكن تلك الرؤية تصادمت أكثر من مرة
مع ما نستطيع تسميته (الممانعة
البيروقراطية) و
التي مثلها وكيل الوزارة د.
ناصر الحجيلان بامتياز في أكثر من
موقف. و تلك
الممانعة تأتي من قناعة المسؤول بأنه
لازال يمارس سلطته كرئيس يقود مرؤوسين
لا مراقب يتابع عملية انتخاب مستقلة، و
عليه أن يلتزم حدود اللوائح و القوانين
و لا يتعداها.
من الأمثلة المبكرة
على ذلك الصدام بين الممانعة و الاستقلال
التعميم الشهير الذي أصدره دكتور الحجيلان
بتاريخ١٤-٦-١٤٣٢
(قبل أيام قليلة
من بدء انتخابات نادي مكة)
و الذي طلب فيه من الأندية قصر الترشح
على الرجال دون النساء في مخالفة صريحة
للائحة الجديدة، و لم تمض ساعات على انتشار
خبر التعميم حتى عاد الوزير خوجة عبر
صفحته في الفيس بوك و تويتر ليؤكد حق
المرأة في الترشح و رفض إصدار تعميم جديد
ليؤكد علو اللائحة على أي تعميم يخالفها.
و لم تكن تلك آخر الممانعات فقد حرص
د. الحجيلان على
تكريس مبدأ الممانعة في كل مرة تحدث مواجهة
أو مطالبة من الجمعيات العمومية بشيء
تقره اللائحة و لا يقره هو ، و لعل إصراره
على تطبيق التصويت الإلكتروني رغم معارضة
معظم الجمعيات العمومية له أحد أبرز
الأمثلة على تلك الممانعة.
و تجلت أمثلة ممانعة أخرى أكثر تغولاً
كتجاهل الرد على طعون أعضاء جمعية نادي
أبها و تدوير المناصب في نادي مكة و غيرها
من المواقف الفردية الصغيرة التي لا تدل
بحال من الأحوال على أي تجانس في الرؤية
بين معالي الوزير و سعادة الوكيل.
ختم الدكتور
عبدالله حامد مقاله بالتلويح بالجوء
للقضاء و سبقه د.
المورعي برفع قضية احتجاجاً على
إزاحته من منصبه. و
القضيتان في نظري بغض النظر عن ملابساتهما
تحققان مكاسب كبرى للثقافة و المثقفين
إذ تؤسسان لبداية عهد جديد يكرس استقلال
المثقف عن الوزارة و يلغي تبعيته لها و
تجبر الوزارة على احترام القوانين كوسيلة
و حيدة للتعامل بينها و بين الأندية كما
أنها تعكس صورة جديدة للمثقف خلاف الصورة
السائدة بأنه تابع للوزارة تنعم عليه
بالدعوات و الانتدابات حين ترضى عنه و
تحرمه منها حين تغضب عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق