.jpeg)
تحول داود بعموده
الصحفي إلى جريدة الحياة، و بلا مقدمات
تحول من عمود ساخر إلى عمود سياسي متجهم،
و اختفى الخال مدلج في ظروف غامضة، لكن
داود ظل يعد القراء بعودة قريبة لم تتحقق
قط.
انغمس داود في
الشأن السياسي الذي يتقنه ببراعة و ظل
مقاله موضع متابعة أينما حل و حيثما كتب
و عندما تحول المقال إلى الشاشة لاحقاً
حصد نجاحاً لا بأس به و خلال سنوات تقلب
بين أكثر من شاشة و أكثر من برنامج حتى
استقر في أتون الثامنة.
و خلال كل تلك
السنوات كان داود وفياً لفنه الصحفي و
لرؤيته الواضحة للأحداث، لكنه شيئاً
فشيئاً كان يفقد عذوبته، ابتسامته، نكهته
الساخرة و الباهرة، تحول المبدع إلى شخص
ساخط محبط ضيق الأنفاس، أصبح أشبه بمن
فقد الأمل في غد أفضل كان يظنه قريباً
فتحول إلى مقاتل شرس لا يخشى شيئاً لأنه
يعرف النتيجة مسبقاً و يرغب في تقليل
الخسائر و قرع أجراس الإنذار لا أكثر.
الجرأة المقرونة بالإعداد الجيد و
كاريزما الرجل المحنك صنعتا نجاح الثامنة
السريع و المستحق.
لكن إلى أي مدى سيصمد البرنامج و يصمد
داود بكل هذا الغضب المتراكم في أعماقه،
بكل تلك الحدة التي تفلت من بين شفتيه
بلقطات الكاميرا التي أحرجت المخرج أكثر
من مرة وهي تنقل صورة بالغة التجهم لملامح
داود و هو يحاور أحد الضيوف؟ ففي كل حلقة
تقريباً يحرج المخرج و يضطر لتبديل الصورة
القريبة بصورة بانورامية للاستديو حتى
يخفي تلك الملامح الساخطة.
ترى مالذي حل بذلك
الساخر الباهر خفيف الدم صديق الخال مدلج
و كاتب سيناريو حلقات طاش ما طاش ليتحول
إلى ذلك القاضي الجلاد في كرسي الثامنة؟
صحيح أن هناك
برامج عالمية كثيرة تناقش القضايا بذات
الأسلوب الساخن، و تتعمد إحراج الضيف
بأسئلة حادة و تقارير قوية، لكن ما مدى
تأثير ذلك الأسلوب على واقعنا المزري؟ و
كم حجراً سيلقي في البركة الراكدة قبل أن
يأتي الاتصال بإيقافه أو تخفيفه؟
و ما هو مقدار
المكسب و الخسارة عندما نقايض فلسفة و
سخرية و حذاقة الخال مدلج و مدرسة كاملة
من الإبداع الصحفي الساخر، نقايضهما
بنظرات داود الغاضبة في ساعته الصاخبة
على الدوام؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق