معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة (حفظه الله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة وبعد:
في الوقت الذي تخرج هذه السطور للنور يستعد نادي مكة الأدبي للملمة جراحه والدعوة للاجتماع لجمعيته العمومية (للمرة الثالثة) وذلك بعد فشله مرتين في عقد الجمعية العمومية لعدم اكتمال النصاب، ذلك النصاب الذي تقلص من نصف عدد الأعضاء في الاجتماع الأول إلى الثلث في الاجتماع الثاني والذي لم يحضره إلا 23 عضواَ، في مشهد حزين وليلة عصيبة على مكة ومثقفيها، ذلك النادي الذي كان يحتفل بتأسيسه قبل أربعة عقود كل من محمد حسن فقي وأحمد عبدالغفور عطار وأحمد وصالح جمال وعبدالكريم نيازي وعبدالعزيز خوجه ومن خلفهم كل المجتمع المكي. ولقد قرر ذات المجتمع المكي اليوم أن يبلغ رسالة استياءه مما جرى ويجري في أروقة النادي العريق.
يا معالي الوزير، لقد استبشرنا جميعاً بصدور لائحة الأندية الأدبية، وتفاءلنا بتحويلها إلى مؤسسات منتخبة يكون لأعضائها الكلمة العليا في توجيه دفة النادي، ورغم الملاحظات الوجيهة على اللائحة، ورغم ما أفرزته من مفاجآت فقد استبشرنا بالتجربة في إطارها العام، ورددنا أن الديموقراطية أشبه بتعلم المشي، وأنه لابد مع الخطوات الأولى من عثرات وسقطات، لكن لابد لها كذلك من ذراع أمينة تحميها من الأخطار والسقطات الموجعة التي قد تتسبب في ضرر أكبر يقود إلى العجز الكلي لا تعلم المشي!.
وللأسف يا معالي الوزير لم تكن تلك الذراع الأمينة موجودة، بل أستطيع القول إنها كانت في كثير من الأحيان عقبة في طريق الخطوات المرتبكة على الطريق. لقد غابت يا معالي الوزير تلك الرؤية التقدمية والخطوة الشجاعة التي دفعت بمشروع الانتخابات إلى النور لتحل محلها رؤية غامضة متعالية ضيقة الأفق في كثير من الأحيان، وساد الارتباك والتناقض قرارات الوزارة متمثلة في إدارة الأندية الأدبية، فظلت حائرة بين دور الرقيب المحايد ودور الرئيس المباشر. وذلك ما بدا واضحاً في تعاطيها مع نادي مكة والخلافات التي حصلت بين أعضاء الجمعية من جهة وأعضاء مجلس الإدارة من جهة، لقد مارس بعض أعضاء المجلس مع شديد الأسف تكتلاً يتنافى وأبسط قواعد ثقافة الانتخاب وسعوا لتكريس الوضع القديم في محاولة لعكس عقارب الساعة والعودة بالزمن إلى الوراء، وشكلت قراراتهم قوة طاردة لمن اختلف معهم داخل المجلس فضلاً عمن هم خارجه، فتوالت الاستقالات التي افتتحها المهندس الشاب عبدالله الشهراني وتلاه السيد الوجيه عبدالله فدعق والرجل الخلوق نبيل خياط، والذين يصعب تزامن استقالاتهم في وقت متقارب رغم اختلاف مشاربهم دون أسباب وجيهة.
لن أحدثك يا معالي الوزير عن الأنشطة المحتكرة، ولا عن المحاضرات المنبرية الأقرب لمنهج اللغة العربية في الجامعة، ولا عن الالتفاف الذي مارسته الإدارة على كل مشروع جاء من خارج التكتل، لن أحدثك عن تعطيل المقهى الثقافي المشروع الشبابي الإبداعي الوحيد في النادي، والذي ورثته الإدارة فاعلاً من الإدارة السابقة ثم سلطت عليه سيف البيروقراطية وتجاهلت خطاباته كأنها خطابات كائنات فضائية ولن أحدثك عن تعطيل مشروع مكتبة الفيديو لإعادة بث تراث النادي المنبري على اليوتيوب والذي تبناه المهندس الشهراني وتم إيقافه بمجرد استقالته. لن أحدثك كذلك عن الالتفاف على لجنة الإصدارات السابقة وتعطيل صرف مستحقات الناشر لعدة أشهر.
لن أطالبك بالتحقيق في أي من تلك الأحداث، لأنك ببساطة لن تجد أي نتيجة، ستجد الكثير من الخطابات والكثير من عبارات (غير صحيح) و(مناف للحقيقة) الخ..
ما سأطالبك بإعادة النظر فيه هو تعاطي إدارتك للأندية الأدبية مع كل تلك الوقائع والأحداث، اسألها ما الإجراء الذي اتخذته تجاه استقالات الأعضاء المتتالية ولماذا تصر على نفي علمها بها رغم تأكيد الأعضاء المستقيلين تقديم استقالاتهم بشكل رسمي، لماذا تتراخى تلك الإدارة في تفعيل اللائحة المسؤولة عن تطبيقها وتسمح لمجلس الإدارة بالمضي قدما في اجتماعاته بثلاثة أعضاء مستقيلين؟
يا معالي الوزير.. لقد ضاق أعضاء النادي العريق ذرعاً بكل تلك الممارسات. ولما انسد الأفق أمامهم مارسوا أبسط حقوقهم في التعبير عبر المقاطعة.
لو كنت تؤمن بدخولنا عصر الديموقراطية والانتخابات فيمكنك اعتبار ذلك العزوف الكبير تصويتاً عفوياً على درجة الرضى لدى المكيين عن إدارة ناديهم
و يبقى السؤال: هل ستقرر التدخل لإنقاذ الكيان الذي كنت قبل أربعة عقود أحد مؤسسية، أم ستتركه يواجه مصيره في قاعات فارغة وأنشطة لا يحضرها أحد؟
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٨٨) صفحة (٢١) بتاريخ (٠٩-٠٦-٢٠١٢)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق