ما
هو شعورك عندما تعرف أن عليك أن تراجع
دائرة حكومية ما لإنجاز معاملة؟ لا شك
ستتوتر و تصاب بالضيق، ستبحث في قائمة
معارفك و أصدقائك عن شخص يعمل هناك، حتى
يقيك أو يهون عليك مشقة ذلك المشوار
الكئيب.
كل
خطوة تمشيها في أروقة الإدارة الحكومية
تلك تثير في ذهنك الكثير من الأسئلة،
لماذا يعاملني الموظف بهذا الشكل؟ لماذا
لا يكون أكثر نشاطاً و إخلاصاً في عمله؟
لماذا علي أن أترك عملي ومصالحي لأتابع
عملاً روتينياً كئيباً ينجزه الآخرون
بضغطة زر ؟
ستظل
مغموراً في دوامة أسئلتك الساخطة لساعات
أو لأيام، ثم تعود بعدها لعملك، عملك الذي
هو في الغالب وظيفة حكومية مشابهة، لكنك
بالطبع لن تلاحظ التكشيرة التي على حاجبيك،
و لا نبرة الضجر في صوتك و لا ساعات التأخير
و الغياب التي قضيتها مؤخراً بعيداً عن
وظيفتك، لن تلاحظ كل ذلك و أنت تؤدي مهام
عملك و تقابل مراجعيك أو طلابك أو مرضاك(حسب
ما تكون وظيفتك).
أنت
و أنا ياصديقي و ربما كلنا نمارس دور
الضحية و الجلاد في ذات الوقت، نتبادل
الأدوار و نكرس دائرة الضيق و السخط من
بعضنا البعض دون أن نشعر.
رغم أن ما يسبب سخطك و ضيقك هو ذاته
ما سبب سخط الجميع لكن لا أحد يضع يده على
السبب الحقيقي و نظل جميعاً نتهم بعضنا
البعض بقلة الإخلاص و ضعف الإيمان.
الموظف
مهما كانت صفاته الشخصية يظل إبن بيئته،إبن
الأنظمة و القوانين التي تحكم هذه البيئة،
ترتفع إنتاجيته و رضاه عن عمله بقدر شعوره
بالإنتماء له و التقدير لمجهوداته، بقدر
إحساسه بأنه شريك في نجاح المنشأة التي
يعمل بها لا مجرد عالة عليها.
أنا
و أنت و كثيرون غيرنا، ضحية أنظمه عمل
جامدة و قديمة، ضحية وزارة خدمة مدنية
تعاملنا كأتباع لا كشركاء، و رغم أننا
أول المتأثرين بسياساتها فهي لم تكلف
نفسها في أي يوم من الأيام كي تستشيرنا
في قرار أو تختبر رضانا عن لوائحها، فضلاً
عن أن تشركنا في ورشة عمل لتطويرها أو
تغييرها. سواء
كنت موظفاً إدارياً، أو معلماً أو مهندساً
أو طبيباً. فأنت
تعرف أن درجتك و راتبك لن يتأثرا بمجهودك
الذي تبذله، و أن ترقيتك ليست مرهونة
بمؤهلاتك بقدر ارتهانها لتوفر رقم وظيفي
لا تعرف آلية توفيره و لكنك تعرف أن الحصول
عليه شاق و يتطلب أشياء كثيرة خلاف تلك
الموهلات.
حتى
التغيرات الموعودة في كادرك الوظيفي أنت
لا تعلم عنها شيئاً و لا تدري في أي سرداب
دخلت و لا متى ستخرج لأن أحداً لا يستشيرك
و لا يهتم برأيك فضلاً عن أن يجعلك شريكاً
في التعديل أو التطوير فكل ما عليك هو أن
تقبل و تنفذ في صمت.
أيها
السادة.. اجعلوا
الموظف شريكاً في تقرير مصيره..ثم
ارجموه بما شئتم من التهم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق