الثلاثاء، 8 يناير 2013

هل البرمجة اللغوية العصبية علم زائف؟


هل أنت حسي، أم سمعي أم بصري؟
لحظة من فضلك، دعني أختبرك، إن كنت ممن يرددون عبارات (أرى ذلك، وهذا جلي وواضح) فأنت بصري، إن كنت ممن يستخدم عبارات (أسمعك، أصغي إليك)، فأنت سمعي. أما إن كنت ممن يتبعون حدسهم وتردد (خطر في ذهني ودق قلبي) فأنت حسي. ماذا يعني هذا؟ ألا تعرف أهمية هذه النظرية؟ ألا تعرف البرمجة اللغوية العصبية؟ لقد فاتك الكثير إذن، فاتتك أهم صيحات العلم في القرن العشرين!
ثمة كثير من الحبر الذي سال خلال السنوات الماضية حول علم البرمجة اللغوية العصبية، في الحقيقة ليس الحبر وحده، بل كثير من الضجيج، كثير من الفلاشات، كثير من المال الذي تدفق ليغذي موارد المبشرين الجدد. قبل عشر سنوات من الآن كانت البرمجة شيئاً أشبه بالسحر، فهي كلام غامض لكنه مبهر، كثير من دغدغة المشاعر وإغراء الكائن المغرور في داخلك. أطلق العملاق، اقهر الفشل، كيف تسيطر على مديرك. احصل على الثقة في النفس وقدرة التأثير في الآخرين.. وعود باذخة بأن تصبح غنياً وناجحاً وذكياً وجذاباً في ذات الوقت، بل بأن تمتلك قدرات خارقة وتسير على الجمر المشتعل فلا تحترق!لكن لماذا يتحسس علماء النفس كثيراً من موضوع البرمجة هذا؟ لماذا يعرضون عنه ولا يؤيدونه؟ هل يغارون من ثوريته وطرقه الإبداعية؟ ألا يعد الإقبال الساحق عليه دليلاً لا يدحض على نجاحه؟ ألم يقرأوا آلاف القصص التي نشرت عن أشخاص تغيرت حياتهم نحو الأفضل بعد اتباعهم طرق البرمجة؟
هل هي غيرة العلم التقليدي الجامد من كل ما هو حديث؟ أم أن ثمة خللاً ما في هذه البرمجة؟خلل يجعل حذر العلماء منها منطقياً وذا وجاهة؟في الحقيقة ما يفرق العلم عن الأدب والسحر والخرافة هو قابليته للتجريب، صلابته في وجه التمحيص المعملي والميداني، الفرق بين الدواء الطبي وخلطة العطار هو أن الأولى مرت بمراحل معروفة من الاختبار، هو قابليتها للتجريب في أي معمل. كل نظرية لا تصمد لهذه القاعدة ينزع عنها صفة العلم. فهل استطاعت البرمجة اجتياز هذا الاختبار؟ الباحث البولندي (توماز ويكوويسكي) قام بتتبع الدراسات التي نشرت خلال خمسة وثلاثين عاماً عن البرمجة من خلال قاعدة بيانات خاصة أنشأها مؤيدون لعلم البرمجة، وقام بتحليل الدراسات العلمية التي تناولت علم البرمجة وخلص في دارسته أن ١٨٪ فقط من الدراسات المحكمة رأت أن البرمجة لها فائدة عملية وحتى تلك الدراسات لم تخل من عيوب جوهرية، عالم آخر هو (شاربلي) أجرى مراجعة شاملة للدراسات التي كتبت عن البرمجة ونشرت في مجلة علم النفس الإرشادي وخلص إلى نتيجة أكثر حدة إذ يقول (إن المبادئ والإجراءات التي تسير عليها البرمجة قد فشلت في إثبات جدواها بالطرق العلمية، وأن نتائج الدراسات البحثية لم تستطع دعم مصداقية أي من طرق البرمجة العلاجية).باختصار البرمجة في نظر العلم لا تختلف عن خلطة العطار ورغم كل البريق الذي يحيط بها فهي في أفضل حالاتها علم زائف ومعظم حالات النجاح والغنى تحققت فقط لمدربي البرمجة لا لتلاميذهم. لذا كن على حذر وأنت تقرأ إعلاناً مغرياً لدورة بعنوان (طريقك إلى الثروة والنجاح) فأنت تعلم من الذي سيحققهما بشكل مؤكد!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق