الأربعاء، 22 يونيو 2011

أثقل "ربع جرام" في الدنيا

الكتاب: ربع جرام
المؤلف: عصام يوسف
الناشر: الدار المصرية اللبنانية


هذه الرواية دليل حي على أن أهم ما في الأدب صدقه و عفويته و أن كل شيء يمكن أن يأتي لاحقاً لذلك، بعض الأشياء تواجدت بالفعل وبعضها لم يحضر ولعل الغائب الأكبر هنا كان اللغة السليمة، فكل الرواية تقريباً كتبت باللغة العامية المصرية و تقسيم الكتاب جاء أقرب إلى السيناريو منه إلى الرواية. كل شيء آخر من وجة النظر النقدية يوحي بعمل متعثر و غير موفق بالمقاييس التقليدية للأدب، لكن المؤلف نجح في إعادة الإعتبار للسرد العفوي و لقوة الفكرة و روح العمل حتى و إن بدا الأسلوب بدائياً أو مرتبكاً في بعض الأوقات. تحكي الرواية بصراحة شديدة قصة شلة من الصحاب و رحلتهم مع الإدمان، تدور أجواء الرواية في الثمانينات و تعاصر بداية الانفتاح و أثره على أسر الشباب الذين لم يكن المال ليشكل عائقاً أمام جموحهم و مرحهم الذي بدا آمناً و بريئاً حتى أحضر أحدهم (ربع غرام) من المخدر في إحدى سهراتهم لتبدأ خيوط المأساة تتشكل ببطء لكن بإحكام خانق أيضاً. و لعل أجمل ما يميز الرواية تجسيدها لعوالم المدمنين و معاناتهم بواقعية و صدق بعيداً عن تهويلات سينما الثمانينات الغبية التي صورت المدمن كشخص أقرب للمعتوه. فهنا نشاهد المدمن الحقيفي و كيف تنزلق شخصيته في منعطف معقد من الرغبات المتناقضة وفقدانه السيطرة على غرائزه و تشتته المرعب بين ما يريد و ما لايريد و إنكاره طوال الوقت أنه مدمن!



تبلغ القصة مرحلة الذروة عدة مرات خلال العمل و في كل مرة تعتقد أن العمل قد شارف النهاية لكنه لا يفعل..بل تعود الدائرة الجهنمية لتنغلق من جديد و تمتد فصولاً مؤلمة أخرى، لأنها ببساطة قصة واقعية وليست عملاً خيالياً و تمردها على التسلسل المألوف في السرد نقطة تحسب لها و تبرز بوضوح مدى تعقيد و تشابك عالم الإدمان و شخصية المدمن الذي يتأرجح طوال الوقت بين موقف الضحية و الجان من ناحية و بين الغباء و العبقرية من ناحية أخرى.


إلا أن خاتمة الرواية المؤثرة نجحت في جبر ثقل تعدد الذروات و تكرار الأحداث خلال صفحاتها الكثيرة..كما لم يخل العمل من روح فكاهية مرحة نجح المؤلف من خلالها في نقل روح الشباب المتوهجة عبر صفحات عمله البديع

 
عمل ممتع يستحق القراءة



هناك تعليقان (2):