
سخر
الحارس من سؤاله و حرص أن يصرخ في أذنه كي
يسمع الإجابه بشكل واضح و هو يحتضر (لا
أحد يستطيع الدخول من هذه البوابة، هذه
البوابة صنعت لأجلك فقط، وسوف أغلقها
الآن!).
الرجل
المحتضر في القصة هو رمز للضعفاء و البسطاء
في أي مجتمع حيث عليهم وحدهم دون غيرهم
أن يواجهوا تلك البوابة، البوابة التي
تصدهم عن الولوج لعالم المساواة و الحقوق،
و بقدر تحضر المجتمعات و عدالتها تتضاءل
تلك البوابة و تختفي، و بقدر ما تتفشى
الديكتاتورية و الفساد بقدر ما تتكاثر
تلك البوابات و تتعاظم، لكنها تأتي في
شكل أكثر عصرية و خداعاً، هي لا تخبرهم
مباشرة بأنهم لن يمروا أبداً ،فقط تضع
لهم تلك الحواجز المستحيلة و تطلب منهم
الانتظار،الانتظار إلى الأبد، في حين
يعبر المتنفذون من الجهة الأخرى لينالوا
كل شيء بلا حساب، بوابة هلامية غير واضحة
المعالم تتخذ شكل الأنظمة و اللوائح
المعقدة حيناً، و شكل الروتين الخانق و
القوانين المعطلة حينا آخر، دوامات لا
نهاية لها تجعل المرء يدور حول نفسه في
سباق عبثي للحصول على العدالة التي ينتهي
عمره دون أن ينالها و يموت و هو يعتقد أنه
هو المقصر و أن دوره لم يحن بعد لينال ما
يريد و أنه لو بذل جهداً أكبر لربما تحصل
على بغيته.
في
حوار تلفزوني مع كاتب عربي ألف رواية
تنبأت بالثورة التي حدثت في بلده قال إنه
كتبها بعد حادثة شهيرة قام فيها إبن عضو
في الحزب الوطني الحاكم يعبث بدراجته
البحرية السريعة بدهس شاب فقير قاده حظه
التعس للتواجد أمامه، و كما هو متوقع و
رغم الضغط الإعلامي و الغضب الشعبي تمت
تغطية القضية و تبرئة الشاب العابث من دم
الشاب الفقير.
يقول المؤلف أحسست وقتها
أن شيئاً كبيراً قد انهار و أننا على وشك
شيء كبير قادم.
كان
الذي انهار هو تلك البوابة العظيمة، ففي
لحظة ما يمل الناس الانتظار، تتلاشى هيبة
الحارس و البوابة و القانون ذاته، فجأة
يقررون تحطيمها و التنكيل بالحارس و
اقتحام ساحة العدالة التي حرموا منها
لسنوات كي ينالوها بأنفسهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق