الخميس، 11 أبريل 2013

أيها الصحفي المتعاون..من يسمع شكواك؟

 لماذا يلجأ المواطن المظلوم  إلى الصحف لنشر معاناته؟ و لماذا يخاف المسؤول أيا كانت درجته من أن تنشر الصحف خبراً سلبياً عن إدارته و يجند موظفي العلاقات العامة لاحتواء الحادثة بالتكذيب حيناً أو الوعد بالتصحيح حيناً آخر؟ ربما يكمن السبب في السلطة المعنوية التي تملكها الصحافة كأداة لتوجيه الرأي العام و تسليط الضوء على مواطن الخلل في المجتمع و قدرتها على تحريك مؤسسات المجتمع المختلفة  للتعامل معه. لكن ماذا لو كان الخلل داخل البيت الصحفي ذاته و في قلب الآلة الجبارة المهيبة التي يخشى سطوتها الجميع؟ من الذي سينصف المظلوم و صاحب الحاجة هنا و خصمه هو ذاته صوت المظلومين و المستضعفين؟ هل ستنصفه الصحافة و تمارس دوراً حيادياً شفافاً في التعامل معه؟ أم ستفضل أن تتجاهله و تبقي صوته خافتاً حتى يضمحل و يتلاشي؟
الصحف رغم دورها الفاعل و حيويتها العالية تعاني من علل داخلية كثيره، أبرزها غياب الأطر و القوانين الواضحة التي تنظم علاقتها بالآخرين من حولها من جهة (لازلنا في عصر يقال فيه رؤساء التحرير دون سبب واضح)  و تنظم علاقتها بأبنائها الذين ينتمون إليها من جهة أخرى، فمهنة الصحفي من أقل المهن أماناً وظيفياً، و أكثرها غموضاً في السلم الوظيفي و أكثرها عرضة لغضبة الرئيس التي تنتهي بالإقالة أو التنحية إلى موقع محجوب. لكن تظل مهنة الصحفي المتفرغ أفضل حالاً بكثير من وظيفة الصحفي المتعاون، و التي يدخل تحت تصنيفها طيف عريض من الصحفيين، ابتداء بصحفي القطعة و انتهاء برؤساء أقسام و مشرفي صفحات، مروراً بعدد كبير من المحررين و المراسلين و المترجمين.
الصحفي المتعاون في معظم الأحيان لا يوقع عقداً مع مؤسسته الصحفية، و لا تكاد تربطه بها أي صلة رسمية باستثناء البطاقة الصحفية، دخله الوحيد من الوظيفة مبلغ مقطوع غير ثابت يخضع لتقدير رئيسه  يناله شهراً و يتأخر عليه شهوراً، كل ذلك مقبول لو كان الصحفي المتعاون يمارس الصحافة كمهنة إضافية، أو كوسيلة تدريب في وقت الدراسة، لكن المشكلة أن المؤسسات الصحفية توسعت و تمادت في تسمية "متعاون" لتشمل فئة عريضة من الصحفيين المتفرغين و الذين يعملون بدوام شبه كامل في الجريدة أو خارجها، بل و بعضهم يلتزمون بساعات عمل مكتبي ثابتة كذلك،  لكن تظل الصحيفة تعاملهم بمسمى "متعاون" فلا التزام بعقود أو تأمينات أو ضمانات وظيفية من أي نوع، و من باب أولى أن لا تلتزم الصحيفة تجاههم بأي نوع من التدريب أو التطوير، و تظل تمتص جهدهم و عرقهم و سنوات شبابهم مع وعود وردية بالتثبيت و التفرغ الذي لا يأتي.
قاد الصحفيون المتعاونون مؤخراً حملة عبر الانترنت للمطالبة بحقوقهم المهدرة و أرسلوا خطاباً جماعياً إلى معالي وزير الإعلام ببعض تلك المطالب و التي من أهمها تنظيم العلاقة بين الصحفي المتعاون و الجريدة و توقيع عقود واضحة تحفظ حقوقهم و إنشاء مرجعية في الوزارة للفصل في الخلافات. لكن رد وكيل الوزارة د. عبدالعزيز العقيل كان محبطاً لأبعد الحدود إذ أحال المطالب إلى المؤسسات الصحفية ذاتها و رد بأن تلك المطالب ليست من اختصاص الوزارة!. ترى لمن يلجأ الصحفيون المتعاونون بالشكوى؟ و هل ستتبنى صحيفة ما  شكواهم من الظلم الذي مارسته ضدهم الصحافة ذاتها؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق