الجمعة، 16 أغسطس 2013

يوتوبيا

يوتوبيا.. حيث الثراء و النفوذ و الأحلام الفارهة.
حيث كل شيء متوفر و رخيص بل و بلا ثمن يذكر..حيث يشعر أبناء الأثرياء بالملل من تلك الحياة الباذخة المرفهة، أبناء الأثرياء الذين يملكون اقتصاد البلد و تدفق عليهم الثروات بلا حساب.
حيث مراد بيه ملك الدواء و منصور بيه ملك الحديد و بقية الشلة وقد صنعوا عالمهم المثالي بعد أن ضاقت بهم الأرض و عافوا مجاورة الفقراء.
في عام ٢٠٢٣ م ستكون مصر قد انقسمت إلى جزءين، جزء مرفه نقي فاحش الثراء يسكن محمية خاصة في الساحل الشمالي يقوم على حراستها جنود متقاعدون من المارينز. و جزء آخر هو بيقية الشعب يعيش في فقر مدقع بلا حكومة أو خدمات تسيطير عليه البلطجة و الأمراض و يبيع كل ما هو متاح. في عالم يوتوبيا كما في خارجها لا قيمة للعلم أو المعرفة و الشيء الوحيد الذي لا يُسرق و لا ثمن له هو الكتب.
و لأن الشباب المدلل في يوتوبيا يشعر بالملل و لم تعد تشبع غرائزه كل الموبقات التي يرتكبها و لا كل المخدرات التي يتعاطاها لأنها أصبحت آمنة و رخيصة و بالتالي فقدت أهم ميزة جاذبه لها و هي الإثارة المصاحبة لها،و لذعة الخوف و الخطر من عواقبها. لذلك يقدم شباب يوتوبيا على عمل أكثر خطورة و يبعث على إثارة حقيقية، يجربون القيام برحلات (صيد) خارج يوتوبيا، يتسللون إلى حيث المدينة القديمة و الفقراء البائسون، يخطفون أحدهم و يعودون به إلى الديار، يتسلون بمطاردته و اقتاصه و لا بأس بتحنيط أجزاء من حثته على سبيل التفاخر!. هنا يقرر إبن مراد بيه أن يجرب حظه مثلهم، أن يغادر يوتوبيا ليذوق متعة الخطر و يعود بصيد من هناك، يصطحب صديقته و ينطلق، يتعثر في أولى خطواته و يكاد يقتل من قبل (الرعاع) قبل أن ينقذه جابر. جابر أحد هؤلاء الرعاع لكنه أكثر تحضراً، جابر يقرأ كثيراً في الكتب التي يجدها في القمامة، جابر مثل بني قومه فقير حاف و مشوه، لكنه لسبب ما يقرر أن ينقذ هذين الأحمقين القادمين من يوتوبيا، يبقيهما في بيته مدعياً أنهما من معارفه، و يدبر لهما خطه لعودة آمنه إلى الديار عبر أنفاق تحت الأرض، و قبل أن يودعهما عند نهايه النفق يقوم ابن مراد بيه بقتله و قطع يده ليصطحبها معه كتذكار يباهي به أفراد الشلة، فرغم كل شيء يظل جابر واحدا من الأغيار الذين لا يستحقون الحياة. يحتفل الشاب بعودته الظافرة لكن ما فعله كان الشرارة التي أشعلت الثورة خارج الأسوار، و خلال أيام تحتشد الجموع الغاضبة على الأسوار تطالب بالثأر، الجموع التي وصفت لزمن طويل بالخراف التي يستحيل أن تثور لكنها الآن و في لحظة نادرة قررت أن تفعل، الصخرة التي تحملت الكثير من الضربات قررت أن تتفتت عند الضربة الخمسين، ليست الضربة الخمسون هي من فعلت ذلك لكنه مجموع الضربات!.

هذا هو ملخص رواية صغيرة الحجم بعنوان"يوتوبيا" صدرت في عام ٢٠٠٨ للكاتب أحمد خالد توفيق، و كانت من الروايات التي تنبأت بثورة قادمة في مصر، رواية لا تخلو من أجواء كابوسية تحمل بصمة جورج أورويل في نسخة معاصرة لكنها صادقة و آسرة في ذات الوقت. لا تخبرنا الرواية بما سيجري بعد الثورة و لا بالمستقبل الذي ينتظر الفريقين و الذي يبدو للأسف أنه سيكون أكثر دموية و إثارة على أرض الواقع!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق